تراجع تمويلات الإغاثة في اليمن ينذر بمجاعة وشيكة

عجز أممي عن تنفيذ البرامج المنقذة للحياة ومواجهة سوء التغذية

يمنيون يحصلون على بعض المساعدات الغذائية في مايو الماضي بينما يواجه تمويل الإغاثة تراجعاً حاداً (إ.ب.أ)
يمنيون يحصلون على بعض المساعدات الغذائية في مايو الماضي بينما يواجه تمويل الإغاثة تراجعاً حاداً (إ.ب.أ)
TT
20

تراجع تمويلات الإغاثة في اليمن ينذر بمجاعة وشيكة

يمنيون يحصلون على بعض المساعدات الغذائية في مايو الماضي بينما يواجه تمويل الإغاثة تراجعاً حاداً (إ.ب.أ)
يمنيون يحصلون على بعض المساعدات الغذائية في مايو الماضي بينما يواجه تمويل الإغاثة تراجعاً حاداً (إ.ب.أ)

تتجه الأزمة الإنسانية في اليمن، إلى مزيد من التعقيد بعد تراجع التمويلات الأممية والدولية لقطاع الإغاثة وتحذير المنظمات الإغاثية أن العام الحالي سيكون الأصعب للسكان بعد أكثر من عقد من الحرب، في حين يتوقع الخبراء حدوث مجاعة وشيكة، بالنظر إلى مجمل الظروف التي تعيشها البلاد.

وتتزايد تعقيدات الوضع الإنساني في اليمن وسط ضبابية المشهد الداخلي وعدم التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب، رغم الهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة منذ أكثر من 3 سنوات، والتي لم تسهم بأي تحسن على المستوى المعيشي، بينما زادت أزمة البحر الأحمر والمواجهات العسكرية بين الجماعة الحوثية والغرب وإسرائيل من تردي الاقتصاد المحلي.

وتواجه وكالات أممية عاملة في اليمن صعوبات كبيرة في معالجة المدفوعات النقدية لشركائها على مستوى البلاد بعد تراجع التمويل والمساعدات الإغاثية بفعل العقوبات الأميركية المفروضة على بعض البنوك المحلية، وأزمة السيولة التي يعانيها القطاع المصرفي التابع للجماعة الحوثية، بحسب بيان لبرنامج الغذاء العالمي نهاية الشهر الماضي.

وأعلن البرنامج وقف دعمه لعلاج حالات سوء التغذية متوسطة الحدة ابتداءً من نهاية الشهر الحالي في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية؛ بسبب نفاد الإمدادات ونقص حاد في التمويل، واستنفاد السلع الأساسية، والانقطاع الكامل في عمليات الشحن.

أكثر من 100 منظمة إغاثة دعت لاتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ اليمنيين من حافة الكارثة (الأمم المتحدة)
أكثر من 100 منظمة إغاثة دعت لاتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ اليمنيين من حافة الكارثة (الأمم المتحدة)

وانتقد جمال بلفقيه، المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة (لجنة حكومية)، غياب عمليات تقييم وحصر الأعمال الإغاثية والرقابة على تنفيذها، وكيفية إيصال المساعدات إلى المستهدفين بحسب خصوصية كل محافظة ومنطقة، ومراعاة الاحتياجات المتفاوتة والمختلفة في كل منها، حيث تسبب ذلك في قصور أداء عمليات الإغاثة وعدم فاعليتها في السابق.

وقال بلفقيه لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع في اليمن تتوازى فيه أسوأ أزمة إنسانية مع أسوأ عملية استجابة، مرجعاً ذلك إلى تراجع التمويل من جهة، وسوء إدارة الأعمال الإغاثية وتوزيع المساعدات من جهة أخرى، فغالبية المساعدات تذهب إلى المناطق التي يسهل الوصول لها، مقابل غيابها عن المناطق النائية شديدة الاحتياج.

مجاعة وشيكة

خلال الأسابيع الماضية توالت التحذيرات من تردي الأوضاع الإنسانية في اليمن، فقبل إعلان برنامج الغذاء العالمي وقف دعم علاج سوء التغذية، أعلنت الأمم المتحدة في منتصف مايو (أيار) الماضي عن خفض كبير في مساعداتها الإنسانية لليمن والصومال للعام الحالي جراء التخفيضات الجذرية في التمويل، محذرة من تعرض ملايين الأرواح للخطر.

يمني يجلس رفقة طفله تحت الأنقاض في مدينة تعز التي يحاصرها الحوثيون (الأمم المتحدة)
يمني يجلس رفقة طفله تحت الأنقاض في مدينة تعز التي يحاصرها الحوثيون (الأمم المتحدة)

ودعا رئيس الحكومة اليمنية، سالم بن بريك، شركاء اليمن الدوليين إلى تعزيز دعمهم لخطة الحكومة وأولوياتها العاجلة، مشدّداً على أهمية التمويل المستدام والمرن والاستثمار في القطاعات الحيوية لتجاوز الأزمة الاقتصادية وتغطية الفجوة التمويلية وبناء اقتصاد مستقر وشراكة استراتيجية فعالة.

وكانت الأمم المتحدة أطلقت في يناير (كانون الأول) الماضي، نداءً لجمع 2.4 مليار دولار لمساعدة 10.5 مليون شخص في اليمن، رغم أن عدد المحتاجين، بحسب بياناتها، يزيدون على 19.5 مليون شخص.

ويتوقع الباحث الاقتصادي اليمني عادل السامعي حدوث «مجاعة» خلال الأشهر المقبلة بعد توقف أكثر من 3 أرباع المساعدات الإنسانية الموجهة إلى اليمن منذ مطلع العام، وتأثير ذلك على قرابة 5 ملايين من المستفيدين.

ونبَّه السامعي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أكثر من 20 مليون يمني يواجهون صعوبات حادة في تأمين الوجبات اليومية، بينما تراجع التمويل الإغاثي خلال الأعوام الستة الماضية من 3 مليارات ونصف المليار دولار في عام 2019، وصولاً إلى أقل من 700 مليون دولار حالياً، مع توقعات بالمزيد من التراجع.

طفلة رضيعة تعاني التقزم وسوء التغذية في محافظة أبين جنوب البلاد (الأمم المتحدة)
طفلة رضيعة تعاني التقزم وسوء التغذية في محافظة أبين جنوب البلاد (الأمم المتحدة)

وفرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على بنوك محلية بسبب التسهيلات المالية التي تقدمها للجماعة الحوثية، وذلك بعد إقرار تصنيفها منظمة إرهابية أجنبية، بقرار من الرئيس ترمب إثر عودته للبيت الأبيض، وتطبيق عدد من العقوبات الاقتصادية والمالية ضدها.

فجوة هائلة

تعترف الأمم المتحدة بأن العمل الإنساني في اليمن يمر بمرحلة غير مسبوقة من التحديات، حيث لم يُجمع سوى 9.59 ملايين دولار من أصل 2.47 مليار مطلوبة لخطة الاستجابة للعام الحالي، وهو تراجع حاد مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، خصوصاً بعد انسحاب الولايات المتحدة التي شكلت 50 في المائة من التمويل في العام الماضي.

وتراجعت المساعدات الإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة خلال العام الحالي، ولم تعد تغطي سوى أقل من 10 في المائة من إجمالي الخطة الإنسانية السنوية المقدرة بـ2.5 مليار دولار، وهو ما يعزوه مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي إلى عددٍ من العوامل، بينها الحرب في أوكرانيا وتراجع التزامات عدد من الدول المانحة، وبينها الولايات المتحدة التي أوقفت دعمها بأوامر الرئيس دونالد ترمب.

بعد أكثر من عقد من الحرب ينتظر اليمنيون الفرصة لإعادة بناء حياتهم (الأمم المتحدة)
بعد أكثر من عقد من الحرب ينتظر اليمنيون الفرصة لإعادة بناء حياتهم (الأمم المتحدة)

وأشار نصر في ندوة نظمها المركز الذي يرأسه إلى أن هذا الانكماش في التمويل أدى إلى توقف برامج إنسانية أساسية في محافظات عدة، منها مشاريع الحماية الاجتماعية، والدعم النقدي، وبرامج «النقد مقابل العمل»؛ ما ساهم في تفاقم التضخم نتيجة شح العملات الأجنبية وانخفاض تدفقات الدعم الدولي.

ويحيل إبراهيم الحداد، رئيس وحدة المعلومات والتحليل والاتصال في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في اليمن، هذا التراجع إلى تعدّد الأزمات في العالم، ولا سيما في أوكرانيا والسودان وغزة؛ ما أدى إلى إعادة ترتيب أولويات التمويل لدى المانحين، وانعكس سلباً على الوضع في اليمن التي قدّر عدد المحتاجين فيها إلى مساعدات إنسانية بنحو 19.5 مليون إنسان.

ونوَّه الحداد في الندوة نفسها إلى أن هناك توجهاً لإعادة هيكلة العمل الإنساني، من خلال تقليص النفقات ودمج بعض القطاعات، مع تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، ودعم المؤسسات المحلية، باعتبارها الأقدر على تلبية الاحتياجات الفعلية، والسعي للوصول إلى المناطق النائية والمهمشة، وإنهاء ازدواجية التدخلات.


مقالات ذات صلة

اليمن: «أميرة» ليست امرأة... سقوط شبكة ابتزاز تقودها أصوات زائفة

العالم العربي حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك بعدن (غيتي)

اليمن: «أميرة» ليست امرأة... سقوط شبكة ابتزاز تقودها أصوات زائفة

ذكرت إدارة التحرّيات أنّ وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية قبضت على متّهم بارتكاب جرائم ابتزاز إلكتروني، كان يستخدم اسماً وهمياً عبر وسائل التواصل الاجتماعي...

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي اجتماع لجنة الأزمات اليمنية في عدن برئاسة العليمي (سبأ)

مخاوف يمنية من انخراط الحوثيين في صراع إيران وإسرائيل

تتخوَّف الأوساط اليمنية على المستويين الرسمي والشعبي من تفاقم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية جراء انخراط الحوثيين في الصراع بين إيران وإسرائيل.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي اليمن يواجه أزمة مالية غير مسبوقة ويسعى لتحسين موارده (إعلام حكومي)

خطة يمنية لزيادة الدولار الجمركي على السلع غير الأساسية

تخطط الحكومة اليمنية لرفع سعر الدولار الجمركي بهدف زيادة الموارد لتغطية العجز الناتج عن توقف تصدير النفط، بسبب منع الحوثيين لذلك منذ أكثر من عامين

محمد ناصر (تعز)
الخليج المستشار منصور المنصور خلال المؤتمر الصحافي الأربعاء في الرياض (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يؤكد عدم استهداف التحالف مستشفى صرواح الريفي في 2015

أكد الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن أن مهمته إيضاح الحقائق بحيادية تامة ودون تحيز.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص عنصر حوثي خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

خاص مواقف متباينة في صنعاء حول الحرب الإيرانية - الإسرائيلية

أظهرت المتابعة للشارع اليمني الخاضع للحوثيين أن الحرب الإيرانية - الإسرائيلية الحالية أفرزت السكان والناشطين إلى ثلاث فئات متباينة في ردود الفعل والمواقف

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

اليمن: «أميرة» ليست امرأة... سقوط شبكة ابتزاز تقودها أصوات زائفة

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك بعدن (غيتي)
حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك بعدن (غيتي)
TT
20

اليمن: «أميرة» ليست امرأة... سقوط شبكة ابتزاز تقودها أصوات زائفة

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك بعدن (غيتي)
حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك بعدن (غيتي)

بعد أسابيع من الجدل، أعلنت شرطة مدينة عدن؛ حيث العاصمة اليمنية المؤقتة، القبض على شاب أنشأ حساباً عبر «فيسبوك»، باسم «أميرة محمد»، وتمكن، خلال سنوات، وبمساعدة 3 آخرين، من جمع ملايين الريالات اليمنية من ضحاياه، وأغلبهم من المغتربين خارج البلاد؛ إما تحت مُسمّى مساعدات علاجية لمرضى أو عن طريق ابتزازهم بصور ومكالمات حميمية.

ووفق مصادر الشرطة، فإنّ خيوط العملية تكشَّفت عندما تلقَّت شكوى من أحد الأشخاص أُجبر على إرسال مبلغ 20 ألف ريال سعودي (نحو 6 آلاف دولار) على دفعات عدّة إلى إحدى الفتيات، فضبطتها الشرطة، لتكشف بدورها عن تفاصيل المجموعة التي تدير الحساب عبر «فيسبوك»، لأنّ دورها كان يقتصر على تسلُّم الحوالات المالية وإرسال بعض الرسائل الصوتية.

وذكرت إدارة التحرّيات أنّ وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية قبضت على متّهم بارتكاب جرائم ابتزاز إلكتروني، كان يستخدم اسماً وهمياً عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحت الاسم المستعار «أميرة» المزعوم.

» للإيقاع بالضحايا.

ووفق شرطة عدن، كشفت التحرّيات أنّ المتّهم لم يكن يعمل بمفرده، إذ كانت تُشاركه في تنفيذ هذه الجرائم فتاة أخرى ضُبِطت أيضاً ضمن العملية الأمنية.

شيوع ظاهرة إدارة شبّان لحسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء الإناث (إعلام حكومي)
شيوع ظاهرة إدارة شبّان لحسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء الإناث (إعلام حكومي)

وتحدّثت الشرطة عن ابتزاز المُتّهمَيْن لعدد من الأشخاص مادياً ونفسياً من خلال انتحال شخصية فتاة، وتهديد الضحايا بنشر محادثات وصور شخصية جرى الحصول عليها بطرق غير مشروعة. وقد وُثِّقت الأدلّة الرقمية الكافية لإدانتهما، وأُحيلت القضية على النيابة العامة لاستكمال الإجراءات القانونية.

وأكد البيان أنّ الشرطة لن تتهاون في ملاحقة كلّ مَن تسوّل له نفسه استغلال الفضاء الإلكتروني لتهديد حياة الآخرين أو التلاعب بثقتهم، ودعا إلى الإبلاغ عن أي حالات مشابهة عبر قنوات الاتصال الرسمية، وعدم التفاعل مع أي حسابات مشبوهة أو غير معروفة.

ضحايا في الخارج

وفق مصادر أمنية في عدن، فقد قُبض على الشاب الذي أثار حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي جدلاً واسعاً، خلال السنوات الماضية، وحظي بمتابعة كبيرة، قبل أن يتبيَّن أن المئات وقعوا ضحايا للرجل الذي استعان بامرأتين وأحد أقاربه في هذه المَهمّة.

وكان الشاب يستعين بالمرأتين عند الحاجة إلى وجود صوت نسائي، لإغراء الضحايا، في سبيل الحصول على الأموال، إما لأنه بحاجة لها لمواجهة متطلّبات المعيشة اليومية، أو لشراء حاجات، أو الادّعاء بوجود مرضى بحاجة للمساعدة، وكان يوزّع هذه الأموال بين أفراد المجموعة.

وجرت عملية القبض على المتهم الرئيسي في إحدى المحافظات القريبة من عدن، بتنسيق مشترك بين وحدة الابتزاز الإلكتروني في إدارة أمن عدن، والجهات الأمنية في المحافظة التي ضُبط فيها المُتّهم.

ضبط عدد من المتورّطين في الجرائم الإلكترونية (إعلام حكومي)
ضبط عدد من المتورّطين في الجرائم الإلكترونية (إعلام حكومي)

كما قُبض على إحدى مساعداته التي كانت تُستخدم في إرسال التسجيلات الصوتية للضحايا لتأكيد أنّ مالك الحساب امرأة؛ وهي التي اعترفت على بقية المتورّطين في القضية، لتُواصل قوات الأمن ملاحقة بقية أفراد المجموعة، وهم أحد أقارب المتّهم الرئيسي وشقيقته.

ووفق التحقيقات، فإنّ الشاب أنشأ الحساب وأداره بمساعدة فتاة كانت تتولّى إرسال التسجيلات الصوتية والتواصل مع الضحايا، بهدف إضفاء صدقية على الحساب الوهمي، وقد نفَّذ الطرفان عمليات ابتزاز طالت مئات الأشخاص خلال المدّة الماضية، جُمِعت خلالها ملايين الريالات، وأغلب الضحايا من المغتربين اليمنيين، بينما ينتظر الأمن القبض على بقية المجموعة، واستكمال الإجراءات القانونية بحقهم قبل إحالتهم على النيابة.

أساليب متنوّعة

وفق مصادر أمنية، فإنّ هذا الحساب تمكَّن من النصب على إناث وذكور، من بينهم شخصيات معروفة ومشهورة؛ إذ جذب المتابعين وكسب ثقتهم من خلال مسابقات وجوائز حقيقية تصل إلى عشرات الآلاف من الريالات، كما ركَّز على بناء علاقات جيّدة مع شخصيات مشهورة في مواقع التواصل الاجتماعي، جعلتهم يُشاركون في الترويج للحساب، وهو ما جعل الجميع يثق به.

وتابعت المصادر أنه، في مرحلة لاحقة، بدأت عملية النصب من خلال الادّعاء بأنّ صاحبة الحساب تعاني مرضاً، وأنها وحيدة بعد وفاة والديها، كما استخدمت طرقاً أخرى وُصفت بأنها أكثر بشاعة، من خلال الدخول في محادثات جنسية، وبعد ذلك ابتزاز الضحايا لدفع المال، وبيع المكالمات الصوتية في حال الرفض.

وعلَّقت المحامية اليمنية هدى الصراري على القضية، قائلة إنّ الأغرب من القصة نفسها حجم التفاعل الكبير معها، وسقوط عدد غير قليل من الأشخاص ضحايا لهذا الأسلوب، منهم من يُفترض أنهم إعلاميون أو مؤثرون.

ورأت أنّ المؤلم ليس عملية النصب في ذاتها فحسب، وإنما كيفية تغييب وعي الناس بسهولة، وحَرْف انتباههم عن قضايا حقيقية ومحورية في بلد يعاني الحرب والفساد وانتهاكات الحقوق، وتسليط الضوء على أمور تافهة والدفاع عنها كأنها مقدّسة، وفق قولها.

وخلال السنوات الأخيرة، شاعت في اليمن ظاهرة حسابات منتحلة صفة الإناث، يديرها ذكور بهدف الإيقاع بالضحايا من الرجال، واستهداف المغتربين تحديداً.

كما شاعت ظاهرة الابتزاز الإلكتروني للنساء بشكل كبير، وأُجبرت كثيرات منهن على دفع أموال طائلة للمبتزّين، مما استدعى من السلطات استحداث وحدات في أغلب المحافظات لمواجهة الابتزاز الإلكتروني قُبض من خلالها على عدد من المتورّطين في هذه الجرائم.